قدرت مصادر اقتصادية حجم الأموال التي رحلت من مصارف الدول التي شهدت ثورات واحتجاجات بنحو 50 مليار دولار وأن النسبة قد تزيد بسبب الانخفاض المستمر في العملات وبخاصة في بعض الدول التي ما زالت الاحتجاجات فيها مستمرة، بالإضافة إلى الخشية من الملاحقات الأمنية لرجال الأعمال والقيادات الحكومية.
ويرى العديد من الخبراء أن هناك عزوفا وتخوفا لدى الخليجيين من الاستثمار في هذه الدول ومنها تونس بعد الثورة خاصة وأن الاستثمارات الخليجية ظلت مجرد وعود ولم ترقَ الى مستوى الطموح والتنفيذ.
وفي هذا الاطار ستستضيف تونس خلال الشهر المقبل «المنتدى الخليجي التونسي للاستثمار» الذي تنظمه الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية وشركة فايم الدولية بالتعاون مع وزارة الاستثمار والتعاون الدولي بمشاركة 300 رجل أعمال خليجي.
ومن ضمن أهداف المنتدى التعريف بالحوافز التي يوفرها الاقتصاد التونسي وطمأنة المستثمرين الخليجيين ودفع الاستثمارات الخليجية في تونس.
وقال منذر عبدالله المدير العام لشركة فايم الدولية المتخصصة في تنظيم المعارض والمؤتمرات أن العديد من المؤسسات المالية الخليجية ستكون حاضرة في المنتدى على غرار مجموعة البركة والبنك الإسلامي للتنمية وكذلك ممثلين عن صندوق النقد الدولي. وأضاف أن المنتدى سيكون مناسبة لرجال الأعمال الخليجيين للاطلاع على المزايا والحوافز التي توفرها تونس للمستثمرين وعقد لقاءات مع نظرائهم في تونس فضلا عن تشخيص فرص الاستثمار في عديد المجالات الواعدة ولاسيما القطاع العقاري والسياحي. وتتجه تونس نحو إستقطاب رؤوس الأموال الخليجية في إطار البحث عن تدفق الاستثمارات لتمويل مخططات التنمية. ويرتبط الاقتصاد التونسي في السنوات الأخيرة بالاقتصاد الأوروبي وتأثر بسبب أزمة الديون السيادية التي تعاني منها منطقة الأورو، الشريك الاقتصادي الأساسي لتونس.
وبعد الثورة تسعى الحكومة إلى الحد من الاعتماد المفرط على الاستثمارات الاوروبية وتنويع مصادر الاستثمار وخاصة الاستثمارات الخليجية ..ويأتي ذلك بعد تراجع عدد من المؤسسات الإماراتية عن تنفيذ مشاريع استثمارية ضخمة في تونس، كانت أعلنت عنها في وقت سابق، جراء تأثرها أيضا بتداعيات الأزمة العالمية. وجمدت مؤسسة سما دبي مشروع «باب المتوسط»، أو«مدينة القرن» الاستثماري الكبير، الذي رصدت له أكثر من 25 مليار دولار، وكذلك تأجيل شركة المعبر الدولية للاستثمار تنفيذ مشروع «مدينة الورد» بأريانة بتكلفة تصل إلى نحو 14 مليار دولار. وأصابت تداعيات الأزمة أيضا مشروع مجموعة «بوخاطر» الإماراتية التي كانت ستنفذ «مدينة تونس الرياضية» بتكلفة 5 مليارات دولار، بالإضافة إلى توقف مشاريع استثمارية إماراتية أخرى. غير أن المسؤولين التونسيين قللوا من حجم التداعيات المحتملة جراء إلغاء المشاريع الاستثمارية المذكورة، ورأوا أن الأمر يبقى محدودا، حيث أن عددا من المؤسسات الاستثمارية الخليجية الأخرى أبقت على مشاريعها، كما أبدت مؤسسات استثمارية قطرية استعدادها للاستثمار في تونس. وقال المسؤولون إن خير دليل على ذلك هواستمرار بيت التمويل الخليجي البحريني في تنفيذ مشروعه «مرفأ تونس المالي الدولي» باستثمارات تقدر بنحو3 مليارات دولار، وإعلان شركة الديار القطرية في أكتوبر الماضي عن اعتزامها تنفيذ مشروع بحوالي 80 مليون دولار.
وتعود آخر المشاريع الخليجية الضخمة في تونس، الى «مرفأ تونس المالي الدولي» الذي أعلن عنه «بيت التمويل الخليجي» البحريني أواخر السنة الماضية، باعتمادات تبلغ نحو3 مليارات، وهو مشروع يضم مركزا للتداول وآخر خاصا بشركات التأمين وثالثا للبنوك غير المقيمة بالإضافة إلى مركز للشركات الاستشارية المالية.
وبدأت الاستثمارات الإماراتية تتدفق على تونس عندما فازت شركة «تيكوم ديغ» التابعة لشركة دبي القابضة بصفقة شراء 35 % من رأسمال مؤسسة «إتصالات تونس» التي بلغت قيمتها 2.82 مليار دولار، ويمكن القول إنها الصفقة التي سرعت في وتيرة التعاون بين تونس ودولة الإمارات، وشهدت زيارات مسؤولين ومستثمرين من البلدين بعد هذه الصفقة حركية ملفتة،توجت بمشاريع ضخمة.
وجاء في التقرير السنوي للمؤسسة العربية لضمان الاستثمار، حول مناخ الاستثمار في الدول العربية للعام 2006، أن تونس احتلت المرتبة الثالثة في قائمة الدول العربية المضيفة للإستثمارت، والمرتبة الثانية في قائمة الدول العربية التي استقطبت استثمارات إماراتية.
وأدى رئيس الحكومة المؤقتة حمادي الجبالي زيارة إلى المملكة العربية السعودية في السنة الفارطة لم ينتج عنها عودة للاستثمارات السعودية إلى تونس . مما جعل الحكومة توجه اهتمامها إلى الدول الخليجية الاخرى مثل قطر والكويت. وفي هذا الاطار، قال وزير الاستثمار رياض بالطيب إن «الكويتية للاستثمار» مهتمة بالسوق التونسية وعبّرت عن نيتها في العودة الى السوق التونسية ليس في قطاع السياحة فحسب إنما أيضا في قطاعات الإنتاج الأخرى كالصناعة والخدمات والبنوك وصناديق الاستثمار.وأكد بالطيب أهمية عودة الكويت إلى السوق التونسية كونها ستعطي دفعة قوية للاقتصاد التونسي خاصة أنه أصبح اليوم أكثر انفتاحا من أي وقت مضى على العالم وأكثر استعدادا لتقبل الاستثمارات المتنوعة لا سيما الاستثمارات العربية منها، انسجاما مع أهداف الثورة التي أعادت لتونس ثقافة الانتماء إلى بعدها العربي من خلال المزيد من الاهتمام بمحيطها العربي والإسلامي. كما تعتزم شركة الديار العقارية للاستثمار القطرية إنجاز منتجع سياحي من فئة خمسة نجوم في الجنوب التونسي.
essahafa.info.tn: مصدر